responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 12  صفحه : 151
[سُورَة هود (11) : آيَة 92]
قالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92)
لَمَّا أَرَادُوا بِالْكَلَامِ الَّذِي وَجَّهُوهُ إِلَيْهِ تَحْذِيرَهُ مِنَ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى مُخَالَفَةِ دِينِهِمْ، أَجَابَهُمْ بِمَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَطُّ مُعَوِّلًا عَلَى عِزَّةِ رَهْطِهِ وَلَكِنَّهُ مُتَوَكِّلٌ عَلَى اللَّهِ الَّذِي هُوَ أَعَزُّ مِنْ كُلِّ عَزِيزٍ، فَالْمَقْصُودُ مِنَ الْخَبَرِ لَازِمُهُ وَهُوَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَضْمُونَ هَذَا الْخَبَرِ وَلَيْسَ غَافِلًا عَنْهُ، أَيْ لَقَدْ عَلِمْتُ مَا رَهْطِي أَغْلَبُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ فَلَا أَحْتَاجُ إِلَى أَنْ تُعَامِلُونِي بِأَنِّي غَيْرُ عَزِيزٍ عَلَيْكُمْ وَلَا بِأَنَّ قَرَابَتِي فِئَةٌ قَلِيلَةٌ لَا تُعْجِزُكُمْ لَوْ شِئْتُمْ رَجْمِي.
وَإِعَادَةُ النِّدَاءِ لِلتَّنْبِيهِ لِكَلَامِهِ وَأَنَّهُ مُتَبَصِّرٌ فِيهِ. وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ، أَيِ اللَّهُ أَعَزُّ مِنْ رَهْطِي، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اعْتِزَازِهِ بِاللَّهِ لَا بِرَهْطِهِ فَلَا يُرِيبُهُ عَدَمُ عِزَّةِ رَهْطِهِ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا تَهْدِيدٌ لَهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ نَاصِرُهُ لِأَنَّهُ أَرْسَلَهُ فَعِزَّتُهُ بِعِزَّةِ مُرْسِلِهِ.
وَجُمْلَةُ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنِ اسْمِ الْجَلَالَةِ، أَيِ اللَّهُ أَعَزُّ فِي حَالِ أَنَّكُمْ نَسِيتُمْ ذَلِكَ. وَالِاتِّخَاذُ: الْجَعْلُ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [74] .
وَالظِّهْرِيُّ- بِكَسْرِ الظَّاءِ- نِسْبَةٌ إِلَى الظَّهْرِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسِ، وَالتَّغْيِيرَاتُ فِي الْكَلِمِ لِأَجْلِ النِّسْبَةِ كَثِيرَةٌ. وَالْمُرَادُ بِالظِّهْرِيِّ الْكِنَايَةُ عَنِ النِّسْيَانِ، أَوِ الِاسْتِعَارَةُ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْمَوْضُوعَ بِالْوَرَاءِ يُنْسَى لِقِلَّةِ مُشَاهَدَتِهِ، فَهُوَ يُشْبِهُ الشَّيْءَ الْمَجْعُولَ خَلْفَ الظَّهْرِ فِي ذَلِكَ، فَوَقَعَ ظِهْرِيًّا حَالًا مُؤَكِّدَةً لِلظَّرْفِ فِي قَوْلِهِ: وَراءَكُمْ إِغْرَاقًا فِي مَعْنَى النِّسْيَانِ لِأَنَّهُمُ اشْتَغَلُوا بِالْأَصْنَامِ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ أَوْ عَنْ مُلَاحَظَةِ صِفَاتِهِ.
وَجُمْلَةُ إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ اسْتِئْنَافٌ، أَوْ تَعْلِيلٌ لِمَفْهُومِ جُمْلَةِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ الَّذِي هُوَ تَوَكُّلُهُ عَلَيْهِ وَاسْتِنْصَارُهُ بِهِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 12  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست